-
About
-
Latest on Partnerships
- Programs
- Knowledge Library
- Blog
- Contact Us
لم يعد تغير المناخ في الوقت الحالي هو موضوع النقاش. بمعنى موضوعي، ورغم أن الشمال يتحمل المسؤولية، فإن بلدان الجنوب هي التي تشعر بالآثار إلى حد بعيد. هل ساعدت اتفاقية المناخ على الحد من هذا الاختلال؟
مفاوضات المناخ حتى توقيع اتفاقية المناخ في المؤتمر المناخي الحادي والعشرين – نظرة تاريخية عامة
في عام 1992، أخذت اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغيّر المناخ على عاتقها هذا التحدي العالمي تحت عنوان ثلاثة مبادئ: المبدأ الوقائي، ومبدأ الحق في التنمية، ومبدأ الاشتراك في المسؤولية المتباينة وفقا لقدرات كل بلد على حدة. في عام 1997، تلا هذا المؤتمر توقيع أول اتفاقية عالمية للتخفيف من آثار ظاهرة الاحتباس الحراري، والمعروفة باسم بروتوكول كيوتو. رغم أن 36 بلدا اتخذ قرارا بالحد من انبعاثاته الغازية، فإن التنفيذ لم يبدأ قبل عام 2005. ورغم وفاء المعنيين بالأمر بالتزاماتهم، فقد أثبت هذا التحرك أنه غير كاف. وتم تمديد العمل بالبروتوكول في الدوحة نهاية عام 2012، إلا أن قرار الولايات المتحدة بعدم المشاركة، والاختلافات بين البلدان المتقدمة وبلدان الأسواق الناشئة أصاب هذه الآلية بالشلل. وفي ضوء إلحاح مشكلة تغير المناخ، هناك حاجة إلى إحياء الجهود على المستوى الدولي.
ومن ثم، فقد طُلب من الأطراف الموقعة، بما فيها بلدان الجنوب، صياغة وثيقة وطنية للمساهمة في الإعداد للمؤتمر المناخي الحادي والعشرين. كان المنظمون ينشدون التوصل إلى اتفاقية عالمية تقوم على ثلاث نقاط رئيسية: (أ) تحديد سقف عالمي لدرجات الحرارة، (ب) اعتماد التزامات بالحد من الانبعاثات الغازية بكميات محددة بحلول عام 2030، (ج) تبني آليات للتمويل، وبناء القدرات، ونقل التكنولوجيا من أجل تيسير القدرة على التكيف. هذا التواصل الوطني يمثل جهدا مهما وقضية حساسة، خاصة لبلدان الجنوب، ويتألف من خمسة جوانب للتحليل: مراجعة الظروف الوطنية، إمكانية التخفيف من الانبعاثات الغازية، التكيف المقترن بضعف البلد، تقييم الاحتياجات، ونقل التكنولوجيا. وتم في النهاية التعهد بتقليص الانبعاثات بكميات محددة بناء على ثلاثة سيناريوهات: الاتجاهات في حال عدم تقليص الانبعاثات الغازية، وسيناريو استباقي يعكس المساهمة الوطنية، وسيناريو مشروط يتوقف على المساعدات الأجنبية.
ماهو سبب استياء بلدان الجنوب؟
مرة أخرى، جاء مؤتمر باريس كمجرد انعكاس للعالم في شكله الحالي، واستنادا على العولمة الاقتصادية وقوى السوق التي تحصل منها البلدان الغنية على منافع استثنائية. ومن ثم، فلم تحسم قضية التكيف التي تشكل أهمية خاصة لبلدان الجنوب. في الحقيقة تم تحليل آليات التكيف إلى ثلاثة مكونات- أولها التكيف الوقائي، وثانيها الخسائر والأضرار الناجمة عن الأحوال المناخية الجامحة، وثالثها بناء القدرات. هذا التخبط الهائل الذي جلبه هذا النهج يتيح للبلدان النامية التحرك بدافع من مصالحها الخاصة. وفي غياب التعهدات المالية، كانت بلدان الجنوب تحجم عن منح وعود بخفض انبعاثاتها الغازية، بغض النظر عن اتصالاتها الوطنية.
الاتفاق تم التوصل إليه يقينا، لكن يبقى هناك العديد من السلبيات
ينبغي الإقرار بالجوانب الإيجابية للمؤتمر- أولا كان من المفيد مراجعة الأهداف الأولية للاتفاقية وإلحاح مشكلة تغير المناخ؛ ثانيا تم اتخاذ الإجراءات العملية على المستوى العالمي للتوصل إلى تعهدات ملزمة؛ وفي النهاية تم تحديد هدف يتمثل في درجتين مئويتين (بل درجة ونصف درجة مئوية).
بيد أن هناك طائفة من السلبيات العالقة- أولا، شعور بلدان الجنوب بأنها تركت لتواجه وحدها مشكلة التكيف؛ ثانيا، تم إرجاء التمويل وآليات نقل التكنولوجيا إلى ما بعد عام 2020؛ وثالثا، ليس هناك شروط تتعلق بالوفاء بالالتزامات التي طرحت.
في التحليل الأخير، تمثل الاتفاقية توافقا بين البلدان ذات المستويات العالية من الانبعاثات الغازية ( المتقدمة والناشئة)، وتركز أساسا على عنصر التخفيف من آثار هذه الانبعاثات. وعلاوة على أن المواعيد النهائية غير واقعية بالمرة- ستتم المراجعة التالية للانبعاثات الغازية عام 2025، وهو ما يجعل من المستحيل فرض التزامات على الأطراف قبل هذا التاريخ. وتم إرجاء تقييم توقف الزيادة في الانبعاثات الغازية المسببة للاحتباس الحراري إلى النصف الثاني من هذا القرن.
واستنادا إلى الوعود التي تم قطعها في المؤتمر المناخي الحادي والعشرين، فإن المسار يشير إلى ثلاث درجات مئوية، ومن الصعب أن نرى كيف يمكن أن يتخذ هذا الوضع اتجاها عكسيا بتوقيع هذه الاتفاقية.
الخلاصة: ضرورة بذل جهود كبيرة لحشد المواطنين
لاشك في أن المؤتمر المناخي الحادي والعشرين كان بمثابة تذكير بالأهداف التي تم إعلانها في ريو، وذلك من خلال تحديد تواريخ وشروط لتنفيذها. ومع هذا، فإن الاتفاقية، من خلال سعيها إلى التوصل إلى توافق بين كل الدول، أخفقت في معالجة الظلم المناخي. ولن يتم التوصل إلى اتفاقية في المستقبل إلا إذا حدث تغيير في التوجهات من قبل بعض القوى الكبرى. ينبغي أن يدرك المواطنون العالميون المخاطر المناخية المحدقة، وأن ينظموا أنفسهم لصيانة مستقبل الأجيال القادمة. إذا كان لهذا أن يتحقق، فمن الضروري النظر إلى العالم بعين جديدة وإبداء إنسانية جديدة.